قوله تعالى : (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً) .. فقال : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ ..)
فقوله تعالى :
* (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً) هو وجه آخر من وجوه الحمد لله سبحانه وتعالى .. فإذا استوجب الله سبحانه وتعالى الحمد لجلاله وعظمته ، وتنزهه عن أن يتخذ ولدا ، أو يكون له شريك فى الملك أو ولىّ من الذل ـ فإنه سبحانه ، مستوجب الحمد كذلك على تلك النعمة الجليلة التي أنعم الله بها على عبده محمد ، فأنزل عليه هذا الكتاب الذي تستنير بآياته البصائر ، وتعمر بتلاوته القلوب ، وتهتدى به العقول .. فتلك النعمة الجليلة هى التي تمت بها نعم الله على الإنسان ، إذ خلقه ، ورزقه ، وسخر له ما فى السموات وما فى الأرض .. (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ) (١ : الأنعام) فالذى يجعل لهذه النعم ثمرات مباركة طيبة ، والذي يجعل إلى يد الإنسان ميزانا يضبط به هذه النعم على وجه الخير والإحسان ـ هو تلك الهداية التي يستمدّها من هذا الكتاب الكريم .. وبغير هذا لا يستطيع أن يحسن الانتفاع بهذه النعم ، بل ربما تحولت هذه النعم فى يده إلى أسلحة قاتلة ، له وللناس معه .. فكان نزول هذا الكتاب من تمام نعم الله على عباده .. فاستوجب سبحانه الحمد والشكران.
وفى ذكر محمد صلوات الله وسلامه عليه بالعبودية تكريم له من ربّه ، ورفع لمقامه ، إذ جعله عبدا استحق أن يضاف إليه سبحانه!
ـ وفى قوله تعالى : (وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً) إشارة إلى سماحة الشريعة الإسلامية ، التي جاء بها محمد صلوات الله وسلامه عليه ، والتي حملها هذا الكتاب