روى أن النبىّ صلىاللهعليهوسلم ، حين دخل مكة فاتحا ، دخل الكعبة وفيها حشود حاشدة من الأصنام التي كان يعبدها المشركون ، فجعل صلوات الله وسلامه عليه ـ يدفع بها صدورها ، فتتهاوى على الأرض ، وهو يقول : (جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً).
قوله تعالى : (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَساراً).
هو إلفات إلى هذا القرآن الذي بين يدى النبىّ ، والذي يتلقّى آياته وكلماته من ربّه ـ إنه هو الحقّ الذي فيه الشفاء لما فى البصائر من عمى ، وما فى القلوب من ضلال ، وهو الرحمة التي تبسطها يد الرحمن الرحيم إلى عباده ليستشفوا بها من جهالتهم وضلالهم .. ثم هو الرائد الأمين الذي يدخل المصاحب له مدخل الصدق ، ويخرجه مخرج الصدق ، ويجعل له من عند الله سلطانا نصيرا.
والمؤمنون ، الذين يستجيبون لدعوة النبىّ هم الذين ينتفعون بكلمات الله وآياته ، ويجدون فيها الشفاء والرحمة.
أما الذين يشاقّون النبىّ ، ويصدّون عن سبيل الله ، فلن يزيدهم القرآن إلّا ضلالا إلى ضلالهم ، ومرضا إلى مرضهم .. (فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَهُمُ اللهُ مَرَضاً) (١٠ : البقرة).
ـ وفى قوله تعالى : (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ) إشارة إلى أن القرآن الكريم ، إنما يتنزل حالا بعد حال ، ولم ينزل جملة واحدة .. وهذا يعنى أن كل ما ينزل من القرآن ، هو شفاء ورحمة ، سواء ما نزل ، أو سينزل .. لا أنّ بعضه فيه شفاء ورحمة ، وبعضه الآخر ليس فيه شفاء ورحمة ، كما يذهب إلى ذلك