به الناس من آيات الله .. كالإسراء ، وشجرة الزّقوم .. والأولى ، نعمة وخير ، والثانية ، شرّ وبلاء. فناسب أن يجىء بعد شجرة الزّقوم ، التي فتن بها المشركون ، شىء يشبهها ، هو مضلّة للمشركين ، وفتنة للغاوين ، وهو إبليس ، لعنه الله.
وقد دعى إبليس من الله تعالى أن يسجد لآدم ، فأبى واستكبر وقال : (أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً؟) .. وقال فى موضع آخر : (أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ) .. وقد كان خلق آدم من طين آية من آيات الله المادية ، وكان على إبليس أن يؤمن بها .. ولكن هذه الآية كانت سببا فى كفره بالله ، وطرده من رحمته.
قوله تعالى : (قالَ أَرَأَيْتَكَ هذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلاً).
أرأيتك : أي أرأيت يا الله .. والكاف حرف خطاب للمولى سبحانه وتعالى ، يؤكد الضمير المتصل قبله ، والمراد بالرؤية هنا ، العلم .. أي أعلمت يا الله!.
أحتنكنّ : أي أفسدنّ ، وأستولينّ .. احتنك الشيء : لاكه فى حنكه وعلكه ، كما تعلك الدابّة لجامها.
وهذا تحدّ من إبليس ـ لعنه الله ـ لله سبحانه وتعالى ، فى آدم ، وأنه أضعف شأنا من إبليس ، وأنه إذ كان كذلك ، فكيف يسجد القوىّ للضعيف؟ .. هكذا فكر إبليس وقدّر.!
قوله تعالى : (قالَ اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزاؤُكُمْ جَزاءً مَوْفُوراً).
اذهب : أمر مراد به الطرد من رحمة الله ..