مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ* فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ* فَشارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ* فَشارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ* هذا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ) (٥١ ـ ٥٦ : الواقعة) وفى سورة الدخان ، وهى مكية أيضا ، جاء قوله تعالى : (إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ* طَعامُ الْأَثِيمِ* كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ* كَغَلْيِ الْحَمِيمِ) (٤٣ ـ ٤٦).
فهذه الشجرة قد ذكرها الله سبحانه وتعالى فى القرآن المكي ، وعرضها فى هذه المعارض ، مهددا بها المشركين ، متوعدهم بها ، مذيقهم طعامها الذي يغلى فى البطون كغلى الحميم.
وقد كان المشركون ، يستمعون إلى هذا القرآن ، ويتناجون بما تملى لهم أهواؤهم وضلالاتهم فيه ، كما يقول الله سبحانه وتعالى : (نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوى) (٤٧ : الإسراء).
وقد كانت هذه الشجرة مثار استهزاء وسخرية فيما بينهم ، كما أنها كانت مادة للعبث منهم بالمسلمين ، وبمعتقدهم فى صدق الرسول ، الذي يقول لهم مثل هذا القول .. إذ كيف يقول «محمد» بأن النار التي سيعذّب فيها من لا يؤمنون بالله واليوم الآخر ، هى جحيم ، وأنّها نار تلظى ، وقودها الناس والحجارة ـ كيف يقول هذا ، ثم يقول إن هناك شجرة أو أشجارا من زقّوم تطلع فيها ، ثم تثمر ثمرا يأكله المعذّبون بتلك النار؟ أهذا قول يتفق أوله مع آخره؟ النار التي تأكل كل شىء ، تصلح لأن تكون مغرسا ومنبتا لشجر؟
وأكثر من هذا ، فقد بدا لبعض الذين سفهوا أنفسهم من هؤلاء المشركين ، أن يتخذوا من هذا الوعيد الذي توعدهم الله به ، مادة للتسلية ، والعبث ، إمعانا فى الاستهزاء والسخرية ، ومبالغة فى التكذيب والتحدي ..
فمن ذلك ما روى عن أبى جهل أنه كان يقول : «هذا محمد يتوعدكم بنار تحرق الحجارة ثم يقول ينبت فيها الشجر؟ وما نعرف الزّقوم إلا التّمر