مهلكوها قبل يوم القيامة .. فهذا حكم الله فى عباده .. (إِنْ كانَتْ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً فَإِذا هُمْ خامِدُونَ) (٢٩ : يس).
وإهلاك ما يهلك الله من القرى ، هو تركها للزّمن ، يفعل فيها ما يفعل فى الأحياء ، فإذا عمارها خراب ، وإذا أهلها تراب فى التراب .. كما يقول سبحانه : (كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) (٨٨ : القصص).
أما عذاب ما يعذّب من القرى ، فهو ما يحلّ بتلك القرى من نقم الله ، فيأخذها بما أخذ به القرى الظالمة ، كقرى عاد ، وثمود ، وقوم لوط ، حيث أهلكها الله سبحانه مرة واحدة ، بما سلط عليها من عذاب
ـ وقوله تعالى : (كانَ ذلِكَ فِي الْكِتابِ مَسْطُوراً) تقرير لحكم الله فى خلقه .. وهو أن ذلك مما قضى الله به فى أم الكتاب ، وجرى به القلم وسطّره فى اللوح المحفوظ .. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى : (ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ) (٢٢ : الحديد).
وفى هذا ، إنذار لمشركى قريش ، ولقريتهم التي تقف من النبىّ هذا الموقف العدائى ، الظالم .. فتؤذى رسول الله ، وتصدّ الناس عن سبيل الله .. إن هذه القرية لن تفلت من هذا المصير الذي تصير إليه القرى جميعا .. فإذا لم يأخذها الله سبحانه وتعالى ببأسه ، ويعجّل لها العذاب ، أخذها بسنته فى خلقه ، فابتلعها باطن الأرض فيما ابتلع قبلها من قرى وأمم!
قوله تعالى : (وَما مَنَعَنا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآياتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَآتَيْنا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِها وَما نُرْسِلُ بِالْآياتِ إِلَّا تَخْوِيفاً) ..