عنوان : (مشيئة الله ، ومشيئة الإنسان) عند تفسيرنا لقوله تعالى : (وَلَوْ أَنَّنا نَزَّلْنا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ) (١١١ : الأنعام) .. (١)
قوله تعالى : (هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنْشِئُ السَّحابَ الثِّقالَ) ـ هو عرض لمظهر آخر من مظاهر قدرة الله وهو أنه سبحانه وتعالى ، هو الذي ينشىء هذه السحب الثقال ، المحملة بالماء الغزير ، ويسيّرها فى جوّ السماء ، كما يسير السّفن على الماء ، وأنه سبحانه يرسل من بين تلك السّحب بروقاً لامعة ، هى إشارة سماوية تشير إلى قدرة الله سبحانه وتعالى ، حيث تنطلق تلك الشرارات النارية الملتهبة ، من هذا الماء الذي تحمله السحب ..!
ـ وفى قوله تعالى : (خَوْفاً وَطَمَعاً) إشارة إلى أن هذه البروق الراعدة تثير فى النفوس مشاعر مختلفة مختلطة .. فيخافها بعض الناس ، ويخشى أن تكون صواعق مرسلة بالهلاك ، كما يقول سبحانه وتعالى بعد ذلك (وَيُرْسِلُ الصَّواعِقَ فَيُصِيبُ بِها مَنْ يَشاءُ) .. على حين يرجوها بعض الناس ، وينتظر الغيث الهاطل من ورائها ..
وإلى هذا المعنى ذهب أبو الطيب المتنبّى حين يقول :
فتى كالسحاب الجون تخشى وترتجى |
|
يرجى الحيا منها وتخشى الصّواعق |
قوله تعالى : (وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّواعِقَ فَيُصِيبُ بِها مَنْ يَشاءُ وَهُمْ يُجادِلُونَ فِي اللهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحالِ) ..
المحال : الحول ، والطول ، والقوة.
والمعنى : أن هذا الرّعد الذي ينطلق من السّحب ، مدويّا هذا الدوىّ
__________________
(١) انظر ص : ٢٦٢ من الكتاب الرابع ـ تفسير الجزء الثامن.