ـ ففى قوله تعالى فى أول الآية : (لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللهِ) ما يشعر بأن الإنسان واقع تحت قوى خفية مسلطة عليه من الله ، وأنه مقهور مغلوب على أمره بحكم هذه القوى الخفية المتعقبة له ..
ـ وفى قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ) ما يدفع هذا الشعور ، الذي يقع فى نفس الإنسان ، من تعقب هذه القوى الخفية له .. فالإنسان ذو إرادة عاملة ، يجدها دائما معه ، ولا يجد لهذه القوى الخفيّة أثرا ماديا يحول بينه وبين ما يريد .. فهذه القوى إنما هى أشبه بالآلات المصورة ، أو المسجّلة .. تصور ما يقع ، وتسجّل ما يحدث ، دون أن تتدخل فى مجريات الوقائع أو الأحداث .. فالإنسان هو الذي يجريها كما يشاء ، ويحدثها كما يريد!.
ومعنى هذا ، أن الناس عموما هم الذين يكتبون أقدارهم ، ويشكلون وجودهم ، ويختارون الطريق الذي يسيرون فيه!.
وعلى هذا ، يكون معنى قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ) هو إطلاق لإرادة الإنسان ، وأن الله سبحانه وتعالى منح الإنسان حرّية الحركة والعمل حيث يشاء ، وكما يريد ، حسب تفكيره وتقديره ، وأن ما يفعله يمضيه الله سبحانه وتعالى له : (إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ) .. فالناس يبذرون الحب .. والله سبحانه وتعالى يعطيهم ثمر ما بذروا .. إن حلوا ، وإن مرّا ..
وفى تعليق تغيير أحوال الناس بتغيّر ما بأنفسهم ، إشارة إلى أن النفس الإنسانية هى جهاز التفكير ، والتقدير ، ومركز الإرادة والتوجيه ، وأنها