وقد جاء هذا القول منهم فى صورة هذا الاستفهام الإنكارى ، للإشارة إلى أنه كان سؤالا مردّدا بينهم ، يلقى به بعضهم إلى بعض ، فى تساؤل منكر ، وفى استفهام خبيث : (أَإِذا كُنَّا تُراباً أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ؟) ولا يجدون جوابا لهذا إلا زرّ العيون ، أو زمّ الشّفاه ، أو ليّ الألسنة .. تحدّث بما فى قلوب القوم من سخرية واستهزاء!
(أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ وَأُولئِكَ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ وَأُولئِكَ ، أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ).
وهذا هو الردّ المفحم على هذه السخرية ، وذلك الاستهزاء ..
إنهم كفرة بالله .. وليس للكافرين عند الله إلا النّار ، يجرّون إليها كما تجرّ الحمر المستنفرة ، قد أخذ صائدها بمقودها .. (يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ) (٤٨ : القمر).
وفى تكرار الإشارة إليهم .. (أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ .. وَأُولئِكَ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ .. وَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) ـ فى هذا التكرار ، فضح لهم على رءوس الأشهاد ، وشدّ للوثاق الممسك بهم من أعناقهم ، حتى لا يفلتوا وحتّى لكأن كل إشارة من تلك الإشارات الثلاث ، طوق من حديد ، يطوّقون به .. وإن ذلك لسمة من السّمات الدّالة عليهم بين أهل المحشر ، فليس ثمّة شك فى أمرهم ، أو فى التعرف على ذواتهم ، وقد وسموا بتلك السمات الفاضحة.
وفى الإشارة إليهم بأن الأغلال فى أعناقهم ، وبأنهم أصحاب النار ، مع أنهم لم يبعثوا بعد ، ولم يساقوا إلى جهنم بعد ـ حكم قاطع من الله عليهم بهذا ، ولكنه مؤجل التنفيذ إلى يوم البعث ..!