رسله ومن اتبعهم من المؤمنين ، على حين يقع البلاء والخزي والخذلان بالذين كذبوا رسل الله وآذوهم ، وصدّوا الناس عن سبيل الله ..
ـ قوله تعالى : (ما كانَ حَدِيثاً يُفْتَرى) أي هذا القصص الذي يقصه الله تعالى على نبيّه الكريم ، من أنباء الرسل ، لم يكن حديثا ملفقا ، أو مفترى ولكنه كلام ربّ العالمين ، قد تلقاه النبىّ وحيا من ربّه ، فجاء مصدّقا لما سبقه من الكتب السماوية ، مفصّلا كلّ ما كان مجملا فيها ، حاملا الهدى والرحمة لمن يؤمنون به ، ويهتدون بهديه ، ويستقون من موارده.
ـ وقوله تعالى : (وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) معطوف على قوله تعالى : (ما كانَ حَدِيثاً يُفْتَرى) وهو عطف يفيد الاستدراك ، ويجعل ما بعد «لكن» مخالفا لما قبلها فى الحكم الواقع على المعطوف عليه.
ـ وفى قوله تعالى : (وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) ـ فى التعبير بالفعل المستقبل (يُؤْمِنُونَ) بدل الفعل الماضي «آمنوا» ، مع أن الهدى والرحمة لا يقعان إلا بعد الإيمان ـ فى هذا إشارة إلى أن الهدى والرحمة أمران ذاتيان ، ثابتان فى هذا الكتاب ، يجدهما كل من اتصل به وأخذ عنه ، وتعامل معه ، على امتداد الزمان ، فلا يقطع الماضي ما له من آثار فى المستقبل ، ولا ينضب معين الهدي والرحمة ، على كثرة الواردين .. فهو أبدا مصدر هدى ورحمة للذين يؤمنون به ، لا لمن آمنوا به وحدهم ، وسبقوا إلى الإيمان .. فللّاحقين حظهم من هداه ورحمته ، مثل ما للسابقين ، سواء بسواء .. وإنما تختلف حظوظ الناس بحسب استعدادهم لتقبل الهدى ، واستئهال الرحمة .. فكتاب الله. هو هو ، وآياته .. هى هى ، والهدى المشّع منه .. هو هو ، والرحمة المحملة معه .. هى هى .. لا اختلاف مع الزمن فى شىء من هذا ، ولا تحوّل أو تبدّل فى كلمات الله وآياته .. وإنما الذي يختلف ويتبدل ويتحول ، هم الناس ، وعقول الناس ، وقلوب الناس!
* * *