فى المدينة ما يناسبها ، أخذت مكانها فيه .. وهذا يعنى أنها نقلت من مكانها فى السورة المكية ، إلى مكانها الذي كانت تنتظره أو كان ينتظرها .. فى السورة المدنية ..!
ومن أمثلة هذا ، قوله تعالى : (وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ) .. فهذه الآية مكية باتفاق ، وقد وضعت فى سورة الأنفال ، وهى مدنية باتفاق أيضا ..
وهذا يعنى أن الآية من هذه الآيات كانت تأخذ مكانها مؤقتا فى السورة المكية ، حتى إذا نزلت سورتها المدنية أخذت مكانها الذي لها فى تلك السورة ..
ومن هذا أيضا قوله تعالى : (لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ..) إلى آخر سورة التوبة .. وهاتان الآيتان مكيتان ، وقد وضعتا بمكانهما من آخر التوبة ، وهى مدنية ..
وهكذا كان الشأن فى السّور المكية ، فإنها كانت تستقبل جديدا من الآيات المدنية ، تأخذ مكانها المناسب لها بين آيات السورة ، حيث يأمر الله .. وذلك كثير فى القرآن الكريم ، وقلّ أن تخلو سورة مكية من دخول آية أو آيات مدنية على بنائها ..
فهذا التدبير السماوي لبناء القرآن الكريم ، وترتيب الآيات فى السور ـ اقتضى أن تأخذ بعض الآيات أمكنة ثابتة دائمة ، بدلا من أمكنتها الموقوتة التي كانت تأخذها بين آيات أخرى غير تلك الآيات التي استقرت آخر الأمر معها ..
ولا شك أن كثيرا من المشركين والمنافقين ، ومرضى القلوب ، كانوا ينظرون إلى هذا التبديل والتغيير ، الذي كان يؤذن النبي أصحابه وكتاب الوحى