إيمانهم ، وكتاب شريعتهم ، وهو القرآن الكريم ، وأن يدعوا إلى تلاوته ، ومدارسته ، وتلقّى أصول الإيمان ، وشريعة العمل .. من آياته وكلماته ..
ومن آداب تلاوة القرآن ، أن يستفتح التالي تلاوته بالاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم .. وذلك أن قارئ القرآن إنما يلتقى بالله عن طريق كلمات الله التي يتلوها .. وإذ كان هذا شأنه ، فقد كان من المناسب فى هذا اللقاء الكريم أن يخلى نفسه من وساوس الشيطان ، ومن كل داعية إليه ، وأن يرجم الشيطان بمشاعر الإيمان التي يستحضرها وهو يتهيأ للقاء الله مع كلمات الله .. ثم يستعين على ذلك بالله ، فيدعوه متعوّذا به من هذا الشيطان الرجيم ، الذي رحمهالله سبحانه بلعنته ، وطرده من مواقع رحمته ..
فالدعوة إلى الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم ، فى هذا الموقف الذي يقف فيه الإنسان بين يدى كلمات الله ، هى فى الواقع دعوة إلى إعلان الحرب من داخل الإنسان على هذا الشيطان ، الذي يتربص بالإنسان ، ويقعد له بكل سبيل .. وبهذا يقبل قارئ القرآن على آيات الله بقلب قد أخلاه لها من كل وسواس .. وبهذا أيضا تؤثّر كلمات الله أثرها الطيب فيه ، فينال ما شاء الله أن ينال من ثمرها المبارك.
قوله تعالى : (إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) ـ هو تعليل لتلك الدعوة إلى الاستعاذة من الشيطان الرجيم عند الاستفتاح بتلاوة القرآن الكريم .. وذلك أن الإنسان إذا ذكر الله ، واستشعر جلاله وعظمته ، ولجأ إليه ، مستعيذا به من وساوس الشيطان ، وكيده ، ومكره ـ إنه إذا فعل الإنسان ذلك فرّ الشيطان من بين يديه ، ونكص على عقبيه مستخزيا ذليلا ، ولم يكن له ثمّة سلطان عليه حينئذ ، لأنه أصبح بذلك من عباد الله الذين يقول الله سبحانه وتعالى فيهم : (إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ