يستشفعون لأبيه الذي بلغ من الكبر عتيّا ، فلا يحتمل هذه الصدمة التي تصدمه بفقد ابنه هذا ..
ـ (فَخُذْ أَحَدَنا مَكانَهُ .. إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) فخذ بجريرته أحدنا ، ليلقى العقاب الذي ستعاقبه به .. وهذا منك إحسان بأبيه ، وإكرام لشيخوخته ، وأنت ـ كما رأينا من أفعالك ـ محسن ، تفيض يداك بالخير والمعروف لكل من يرد عليك.
(قالَ مَعاذَ اللهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنا مَتاعَنا عِنْدَهُ .. إِنَّا إِذاً لَظالِمُونَ) أي عياذا بالله أن نبرىء مذنبا وندين بريئا ، فنأخذ البريء بذنب المسيء .. إن ذلك ظلم ، لا يلتقى أبدا مع الإحسان الذي تدعوننى باسمه.
(فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا قالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَباكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَوْثِقاً مِنَ اللهِ وَمِنْ قَبْلُ ما فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ .. فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ).
استيئسوا : وجدوا اليأس ، وانتهى أمرهم إليه.
خلصوا نجيّا : أي خلصوا إلى بعضهم ، وانعزلوا عن أعين الناس ، يديرون الحديث بينهم فى سرّ .. وأصل النجوة : المكان المرتفع ، حيث يعتصم به ، ويلجأ إليه .. بعيدا عن الناس.
أي وحين يئس القوم من أن يستردوا أخاهم ، وأن يقيموا أحدهم مقامه فى التهمة التي أخذ بها ـ أخذوا مكانا منعزلا ، بعيدا عن الناس ، وجعلوا يتدبرون فيه أمرهم ، والأسلوب الذي يواجهون به هذا الموقف المتأزم.
ـ (قالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَباكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَوْثِقاً مِنَ اللهِ) .. والموثق الذي أخذه أبوهم عليهم هو ما جاء فى قوله تعالى : (قالَ لَنْ أُرْسِلَهُ