أضلّوهم .. لأن هذا الضلال الذي غرسوه فى قلوب أتباعهم ، هو ثمرة مشتركة بينهم وبين هؤلاء الأتباع .. وكل واحد منهم سيحمل نصيبه من هذا الثمر الخبيث ..
ـ وفى قوله تعالى : (بِغَيْرِ عِلْمٍ) إشارة إلى هؤلاء الأتباع ، وأنهم إنما باعوا عقولهم لرؤسائهم ، وأعطوهم مقاودهم من غير تفكير ، أو مراجعة .. وفى هذا توبيخ لهؤلاء الأتباع ، ووصم لهم بالغفلة والسّفه ، كما أنه تهديد لهؤلاء السادة والرؤساء ، إذ غرّروا بأتباعهم وزينوا لهم الضلال.
ـ وقوله تعالى : (أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ) تقبيح لهذه الأحمال التي يحملها أولئك الضّالون ، وتأثيم لحامليها ، وأنهم يحملون ما يسوؤهم ، ويجلب البلاء عليهم ... والعاقل إنما يحمل ما يحمل ، ابتغاء ما يؤمّل فيه من خير ، وما يرجو من نفع .. أما أن يحمل ما يؤذيه ويرديه ، فذلك هو السّفه ، الذي ينزل بالإنسان إلى أخسّ مراتب الحيوان!
قوله تعالى : (دْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللهُ بُنْيانَهُمْ مِنَ الْقَواعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَأَتاهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ) ـ هو إلفات لهؤلاء المشركين إلى عبر وعظات ، يرونها ماثلة بين أيديهم ، إن عميت أبصارهم عن أخذ العبرة من أنفسهم .. ففى الأمم الغابرة ، كعاد وثمود ، التي لا تزال آثار العذاب الذي أخذها الله به ـ باقية ، يمر عليها هؤلاء المشركون ، وهم عنها غافلون ـ فى هذه الأمم مثلات وعبر ، إذ كان فيهم ما فى هؤلاء المشركين من مكر بآيات ، وكفر بها ، وتكذيب برسل الله ، وإعنات لهم ، فأخذهم الله من حيث لم يحتسبوا ، ودمدم عليهم بذنوبهم ، فأصبحوا كهشيم تذروه الرياح .. فهل يعجز الله أن يأخذ هؤلاء المشركين كما أخذ أسلافهم؟ أم أنّهم