مجرد شعور بالحياة الآخرة ـ فإن قلوبهم منكرة لهذا القول الحقّ ، وهم مستكبرون ، فلا يلتفتون إلى داعى الحقّ الذي يدعو إلى الله ..
قوله تعالى : (لا جَرَمَ أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ) أي لا شك أن الله يعلم من هؤلاء المشركين ما تنطوى عليه قلوبهم المنكرة ، وما يظهر على ألسنتهم وأيديهم من أفعال السوء ، ومنكر القول ، وأنهم سيلقون جزاء هذا المنكر الذي هم فيه .. (إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ) فلا ينزلهم الله سبحانه منازل رضوانه ، بل يلقى بهم فى عذاب السعير ..
وقوله تعالى : (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ ، قالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) هو عرض لبعض ما يعلمه الله سبحانه وتعالى من أمر هؤلاء المشركين ، وأنهم إذا تليت عليهم آيات الله أعرضوا عنها ، وقالوا ، «إن هى إلا (أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ)
والأساطير : جمع أسطورة ، وهى ما كتب ، وسطّر .. و«الأولين» الماضيين .. و (أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) أخبارهم التي يتناقلها الناس عنهم ، فيكثر فيها ـ بحكم التداول ـ التحريف ، والتبديل ، ويدخل عليها من الغرائب ما يجعلها من قبيل الخرافات!
وهنا سؤال : كيف يقال لهم : (ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ) وهم ينكرون هذا ، ولا يعترفون بأن الله أنزل شيئا؟
والجواب : هو أن هذا تقرير للواقع ، وإلزام لهم به ، رضوا أو لم يرضوا .. إنه الحقّ .. فليقولوا فيه ما شاءوا ..
ويجوز أن يكون الخطاب للمؤمنين ، وفى هذا التفات إليهم ، واحتفاء بهم ، بإضافتهم إلى ربّهم ، على حين يحرم المشركون من هذا الالتفات الكريم ، من ربّ العالمين .. والمعنى : إذا قيل لهؤلاء المشركين ماذا أنزل ربكم أيها المؤمنون