والشر ، يكون اتجاه الإنسان إلى الخير أو الشر .. فالإنسان لا يعطى إلا مما عنده ، والإناء لا ينضح إلا مما فيه ..
والكلمات هى الرصيد الذي يملكه الإنسان ، وينفق منه ..
لهذا كان من تدبير الإسلام حراسة الإنسان ، من أن تدخل عليه كلمات السوء ، فتسكن فى كيانه ، وتتحول إلى كائنات حيّة تعيش معه ، وتوجه سلوكه ..
يقول الرسول الكريم :
«لا يقولنّ أحدكم خبثت نفسى ، ولكن ليقل لقست نفسى» .. واللفظان معناهما واحد ، وهو غثيان النفس ، وتهيّؤها للقىء ، ولكن النبىّ صلوات الله وسلامه عليه ـ يأخذ المسلمين بأدب الكلمة ، ويحمى ألسنتهم من أن تعلق بها هذه الكلمات السيئة ، فتتخلّق منها مشاعر خبيثة ..
فالكلمة ـ فى الواقع ـ ليست مجرد حروف مرسومة ، أو أصوات مسموعة ، وإنما هى رسل هدى ورحمة وخير ، أو شياطين غواية وضلال وبلاء.!
ومن أجل هذا ، كان احتفاء الإسلام بالكلمة ، وتقديره لها ، وحسابه لآثارها ومعطياتها .. فقد عرف الإسلام للكلمة قدرها وخطرها فى تفكير الإنسان ، وفى سلوكه .. إذ كانت كل ثمرات تفكيره ، من مواليد الكلمة ، وكان سلوكه ، من وحي هذا التفكير ومتطلباته ..
ومن تدبير الإسلام فى هذا ، أنه جعل القرآن الكريم المائدة التي يردها المسلمون ، فيتزودون من كلماته وآياته ، بالترتيل ، والاستماع ، فرضا فى الصلاة ، ونافلة فى غير الصّلاة ..