ـ (إِنَّ اللهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ) على يد رسله وأنبيائه .. أما أنا فقد وعدتكم فأخلفتكم ، ونكثت عهدى معكم ، ونقضت عقدى الذي وثّقته لكم .. فذلك هو أنا ، وهذا هو شأنى مع أتباعى .. وإذن فموتوا بغيظكم .. ألم يحذّركم الله منّى فى قوله تعالى : (أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ* وَأَنِ اعْبُدُونِي .. هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ) (٦٠ ـ ٦١ : يس) وفى قوله سبحانه : (يا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطانُ كَما أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ) (٢٧ : الأعراف)
(وَما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ)
وإن الشيطان ليس بين يديه قوة قاهرة ، ملك بها أمر هؤلاء الذين أضلّهم وأوقعهم فى شباكه .. إنه أشبه بالصائد الذي ينصب شباكه للطير ، ويضع فيها الحبّ فتسقط عليها ، وتعلق بها ، وتصبح صيدا فى يده!
لقد دعاهم الشيطان إليه ، وزيّن لهم الضلال وأغراهم به ، فاستجابوا له ، دون أن يستخدموا عقولهم التي وهبها الله لهم ، ودون أن يستمعوا لكلمات الله على لسان رسله ، يحذرونهم هذا العدوّ المتربص بهم ، ويدعونهم إلى الفرار من وجهه ، إلى حيث النجاة والسلامة ، فى حمى الله ربّ العالمين .. فإذا كان هناك من يستحق اللوم فهو هم ، لا الشيطان .. إن الشيطان يعمل لنفسه ، ويؤدى رسالته فيهم .. أما هم فقد غفلوا عن أنفسهم ، وباعوها لهذا العدوّ بيع السّماح .. بلا ثمن!
(ما أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَما أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ) ـ أي ما أنا بالمستجيب لصراخكم المخفّ لنجدتكم ، وكذلك أنتم ، لن تستجيبوا لى ، إذا استصرختكم ، ولن تهبوا لخلاصى مما أنا فيه من بلاء ..