لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا فَأَوْحى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ* وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ ذلِكَ لِمَنْ خافَ مَقامِي وَخافَ وَعِيدِ).
وإذا لم يكن فى السفاهة باللسان ، والتطاول بالقول ، ما يقطع الرسل عن الدعوة التي يدعون بها ، فليكن التهديد بالرجم ، أو الطرد من الوطن .. ذلك ما قدّره الضالون المعاندون ، وهذا ما عملوا له : ـ
ـ (لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنا) .. هكذا يقولونها فى غير حياء ، حتى لكأن الرسل غرباء عن هذه الأرض ، لا حق لهم فيها مثلهم ..!
ـ (أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا) .. الملّة ، الدين ، والعقيدة ..
وعودة الرسل إلى ملّة قومهم ، إنما هو باعتبارهم خارجين عليها ، بالدّين الجديد الذي يدعون إليه .. وهذا غاية فى الضلال والعناد ، إذ يجيئهم الرسل بالهدى الذي يحمله الدين الجديد إليهم ، فيدعون الرسل إلى أن يعودوا إلى دينهم الفاسد الذين يدينون به.!
ـ (فَأَوْحى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ) .. وإذا كان لهؤلاء الكافرين أرض ، فإن لهؤلاء الرسل ربّا .. وقد أوحى إليهم ربهم ، وأخبرهم بأنه سيهلك هؤلاء الظالمين ، الذين دفع بهم الظلم إلى أن يخرجوكم من أرضكم .. إنهم هم الذين سيخرجون من هذه الدنيا كلها .. إنهم لمأخوذون بنقمة الله ، وإنهم لهالكون ..!
ـ (وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ) فأنتم أيها الرسل الذين سيرثون هذه الأرض بعد هلاك هؤلاء الظالمين ، الذين أرادوا إخراجكم منها ..
ـ (ذلِكَ لِمَنْ خافَ مَقامِي وَخافَ وَعِيدِ) أي إنّ ذلك الجزاء الحسن وهذا النصر العظيم ، إنما هو لمن خاف مقام ربّه ، وخشى بأسه ، فوقّره وعظّمه ، واتقى حرماته ، وعظم شعائره .. والرسل من هذا فى المقام الأول ، ثم من اقتفى أثرهم.