والكفر ـ فذلك مشيئته فيهم .. (وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ) وليس لمخلوق أن يعترض على ما أراد الخالق به! (أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ .. تَبارَكَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ) ..
قوله تعالى : (أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا؟).
اليأس : هو القنوط ، وفقدان الرجاء.
والاستفهام هنا تقريرى ، يراد به أخذ اعتراف المؤمنين باليأس من إيمان هؤلاء المشركين ، وقطع الرجاء فى أن يكونوا يوما من المؤمنين .. وأنه إذا كان عند المؤمنين بقيّة من أمل فى إيمان هؤلاء الذين اتخذوا آيات الله هزوا وسخرية ، والذين كلما تليت عليهم آيات الله زادتهم كفرا على كفر ، ورجسا على رجس ـ إذا كان عند المؤمنين بقية من أمل فى إيمان مثل هؤلاء ، فليقطعوا حبل الرّجاء ، وليكونوا على يأس من أن يؤمنوا .. وأنّه إذا سأل سائل منهم : لما ذا لا يرجى من هؤلاء المشركين إيمان ، ورسول الله فيهم ، وآيات الله تتلى عليم؟ فهذا جواب ما سألوا عنه : (لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعاً) وهؤلاء المشركون لم يرد الله أن يطهّر قلوبهم من الشرك! فإذا بقي بعد هذا من يسأل : «ولما ذا لم يرد الله أن يطهّر قلوبهم هم بالذات .. وقد طهّر قلوب كثير من إخوانهم الذين كانوا مشركين مثلهم فآمنوا واهتدوا؟» كان فى قوله تعالى : (أَنْ لَوْ يَشاءُ اللهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعاً) ، الجواب الذي لا تعقيب عليه .. فتلك هى مشيئة الله فى عباده .. (فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ) (٧ : الشورى) .. (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ) (٢ : التغابن) .. وهؤلاء المشركون هم ممن حقت عليهم كلمة الله .. (أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذابِ ، أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ؟) (١٩ : الزمر).
ونقرأ الآية الكريمة بعد هذا.
(وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى ..