إكراما له ، وشفاعة له فيهم .. وفى هذا يقول سبحانه وتعالى : (وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ) (٣٣ : الأنفال).
ـ وفى قوله تعالى : (اسْتِعْجالَهُمْ بِالْخَيْرِ) إشارة إلى أن الله سبحانه وتعالى يعجّل لهم الخير ، ولا يعجّل لهم العذاب ، بل يؤخره عنهم لتتاح لهم الفرصة لمراجعة أنفسهم ، والاستقامة على طريق الإيمان .. فمن آمن منهم فقد أمن من العذاب فى الدنيا والآخرة ، ومن استمسك بكفره وضلاله ، فله خزى فى الدنيا وله فى الآخرة عذاب عظيم .. والتقدير. ولو يعجّل الله للناس الشرّ كما يعجل لهم ما يعجّل من خير ، لهلكوا ، ولأخذهم البلاء ، دون أن تتاح لهم فرصة لمراجعة أنفسهم ، وتصحيح لوضعهم المقلوب ، الذي اتخذوه من دعوة الحق التي يدعون إليها.
ـ وفى قوله تعالى : (لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ) إشارة إلى أن الله سبحانه وتعالى لو عجّل لهم الشرّ الذي يتمنونه لأهلكهم جميعا فى لحظة خاطفة .. ولكنه سبحانه يؤخرهم لأجل معدود ، ولا يأخذهم بعاجل ما يستحقون من عقاب ، إكراما للنبىّ الكريم ، ولمقامه فيهم .. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى : (وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤاخِذُهُمْ بِما كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذابَ ، بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلاً) (٥٨ : الكهف).
ـ وفى قوله سبحانه : (فَنَذَرُ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ ..) إشارة إلى المحذوف ، الذي دل عليه العطف بالفاء .. والتقدير .. ولو يعجّل الله للناس الشرّ استعجالهم بالخير ، لقضى إليهم أجلهم .. ولكنا نمدّ لهم ، فنذر الذين لا يرجون لقاءنا منهم فى طغيانهم يتخبطون ، فى بحر متلاطم الأمواج.
وهذه الآية غير مقيدة بأسباب نزولها ، بل هى مطلقة ، حيث يقع تحت حكمها الناس جميعا .. فقد كان من رحمة الله بالنّاس أن أمهلهم ، فلم يعجّل لهم