حسن أو سيىء ، فكل عمل يحمل فى كيانه الجزاء الذي يستحقه صاحبه ، على أية صورة من الصور .. وليس من الحتم اللازم ، بل ولا من المطلوب المستحبّ أن يكون الجزاء من جنس العمل ، كمّا ونوعا وكيفا .. فقد يكون العمل ماديّا وجزاؤه روحيّا نفسيّا .. وقد يكون من نوع ما ، ويكون جزاؤه مماثلا له ولكن من نوع آخر ، ثم قد يكون كمّا من نوع معيّن ، فيقع جزاؤه موزعا فى أنواع متعددة من الجزاء ..
وفى الحياة الدنيا شواهد كثيرة لهذا .. فى جانب الأعمال الصالحة ، وفى جانب الأعمال السيئة ، على السواء ..
ونضرب لهذا مثلا لكل جانب من هذين الجانبين :
رجل من عباد الله الصالحين ، أقام نفسه على طريق الحق ، والخير .. يؤدى حقوق الله ، وحقوق العباد .. فيصلى ، ويصوم ، ويزكى ، ويقول كلمة الحق ولو أصابه منها ضرّ وأذى ، ولا يطفف الكيل ، ولا يخسر الميزان .. هكذا سيرته وشأنه فى الحياة ، وتلك سيرته مع الناس .. ثم يرى مع ذلك فى حال من ضنك العيش ، وضيق الرزق ، ثم قد يكون إلى ذلك مبتلى بآفة فى جسمه ، أو علّة فى ولده.!
لا شك أن ظاهر الحال ينبىء هنا عن أن هذا الإنسان شقى ، وأنه لم يجن من صلاحه وتقواه إلّا هذا البلاء الذي هو فيه!
فأين هو الجزاء الحسن للعمل الحسن؟ وأين هى ثمرة الإحسان التي يجنيها من زرع الإحسان؟
والجواب ، الذي ينطق به لسان الحال ، أنه لم يجن من إحسانه غير الشوك والحسك ، الذي أدمى يديه ، ونزف دمه!