ويجوز أن يكون هذان الفتيان قد دخلا مع يوسف السّجن فى يوم واحد ، إثر حدث وقع فى قصر الملك ، إذ كان هذان الغلامان ممن يخدمان الملك ، فحامت حولهما شبهة دفعت بهما إلى السّجن ، ودفع بيوسف إليه معهما ، على حساب أنه ممن علقت به تلك الشبهة ، بتدبير من امرأة العزيز ، وممن معها من النّسوة اللائي كنّ فى حاشيتها .. أو بتدبير من العزيز نفسه انتقاما لشرفه ، الذي لاكته الألسنة زمنا .. وكانت المؤامرة التي وقعت فى قصر الملك فرصة لأخذ يوسف مع من أخذ بها.
* (قالَ أَحَدُهُما إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْراً وَقالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ).
إنهما قد رأى كل منهما رؤيا مناميّة ، وقد عرفا فى يوسف علما وحكمة ، فتحدثا إليه بما رأيا ، وطلبا إليه أن يكشف لهما ما تنبىء عنه رؤيا كل منهما.
ـ وفى قول كل منهما : (إِنِّي أَرانِي) ـ إشارة إلى أن كلّ واحد منهما رأى نفسه فى المنام على الصورة التي حدّثه بها .. فالرائى شخص والمرئى شخص آخر ، وإن كان صورة منه.
(قالَ لا يَأْتِيكُما طَعامٌ تُرْزَقانِهِ إِلَّا نَبَّأْتُكُما بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُما ذلِكُما مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ* وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبائِي إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ ما كانَ لَنا أَنْ نُشْرِكَ بِاللهِ مِنْ شَيْءٍ ذلِكَ مِنْ فَضْلِ اللهِ عَلَيْنا وَعَلَى النَّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ* يا صاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ* ما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْماءً سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ ما أَنْزَلَ اللهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ).
لم يلتفت يوسف كثيرا إلى هذه الرؤيا التي رآها صاحبا سجنه ، ولم يجعل