جرح ، فيكون ذلك حديث الناس فى الأندية والمحافل ، ليوم أو لبضعة أيام ، وربما لشهور أو سنين ..
فعيون الناس وآذانهم متعلقة بأصحاب السلطان والسيادة فيهم .. يتسمّعون أخبارهم ، ويرقبون أحوالهم ، ويشتغلون بالحديث عنهم ، فى كل ما يتصل بهم من صغير أمورهم وكبيرها .. هكذا الناس فى كل زمان ومكان ..
وعلى الرغم من أن حادثة امرأة العزيز كانت فى دائرة ضيقة ، لا تتعدى المرأة ، ويوسف وزوجها ، فإنه سرعان ما نفذت العيون من خدم القصر إلى هذا السر ، ووقعت الآذان عليه ، فكان همسا على الشفاه ، ثم كان حديثا دائرا على الألسنة ، أقرب إلى الإشاعة منه إلى الحقيقة .. وذلك لما كان من العزيز فى معالجة هذا الأمر ، بحكمة ، ولطف ، وحذر.
والنساء هن أكثر الناس بحثا عن أسرار البيوت ، وأقدرهن على فتح مغالقها وكشفها ..
وها هى ذى امرأة العزيز تصبح هى وفعلتها مع يوسف ، حديث الطبقة العالية فى نساء المجتمع ، ممن هنّ على مداناة وقرب منها.
(وَقالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُراوِدُ فَتاها عَنْ نَفْسِهِ .. قَدْ شَغَفَها حُبًّا إِنَّا لَنَراها فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) .. هكذا يتحرك الخبر ، وتتحرك معه التعليقات المناسبة له .. (قَدْ شَغَفَها حُبًّا!!) أي ملأ قلبها حبّا ، واستولى عليه .. (إِنَّا لَنَراها فِي ضَلالٍ مُبِينٍ)!
إنها الفضيحة قد أخذت تتحرك بسرعة فى المجتمع ، وإنها اليوم حديث نساء الحاشية ، وما حولها ، وغدا ستكون حديث البلاد كلها .. فلابد إذا من تدبير يمسك هذه الفضيحة ، أو يخفف من انطلاقها ، وإلّا أفلت الزمام وساءت العاقبة!