* وفى قولهم : (وَإِنَّا لَهُ لَناصِحُونَ) تأكيد لإنكارهم على أبيهم هذا الموقف .. فهو لا يأمنهم عليه ، حتى لكأنه يتهمهم بتدبير الشرّ له ، والعدوان عليه ، إذا هم انفردوا به .. وهم ينكرون عليه هذا ، ويدفعون عن أنفسهم تلك التهمة بالإنكار على أبيهم أن يكونوا متهمين عنده فى مشاعرهم نحو أخيهم .. وكيف ، وهم له ناصحون؟ أي مرشدون ، يرعونه ، وينصحون له ، إذ كان صغيرا ، يحتاج إلى من يرشد وينصح؟
(أَرْسِلْهُ مَعَنا غَداً يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ).
وهكذا يجىء طلبهم الذي أرادوه من أبيهم ، بعد هذا الإنكار الذي واجهوه به ، وبعد هذا العتاب الذي عتبوه عليه ـ يجىء طلبهم هذا مباشرة ، دون أن يدعوا لأبيهم فرصة للرد عليهم وتوضيح الأمر لهم ، بتقدير أن الأمر واضح ، وأن ليس لأبيهم عذر يعتذر به إليهم ، وأنه ليس بمقبول عندهم أي عذر منه فى اتهامهم بأخيهم ، وعدم النصح له منهم ، وإنه لا يردّ إليهم اعتبارهم ، ولا يدفع هذه التهمة عنهم إلا بأن يرسله معهم : (أَرْسِلْهُ مَعَنا غَداً) أي فى غير تردد أو انتظار .. فذلك هو الذي يقطع الشك عندهم فى اتهام أبيهم لهم!! وإلا فهو الاتهام ، والشك المريب!!
وهذا ما لا يرضونه من أبيهم ، ولا يقبلونه لأنفسهم!!
ـ وفى قولهم : (يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) إغراء لأبيهم على هذا الأمر الذي أرادوه عليه ، وجذب له إلى تلك المصيدة التي نصبوها له! فهو بإجابتهم إلى هذا الطلب يحقق أمرين : أولا : ردّ اعتبارهم عنده ، بدفع الشكوك التي ساورتهم من جهة اتهامه إياهم فى نصحهم لأخيهم ، وسلامة قلوبهم له .. وثانيا : إتاحة الفرصة ليوسف ، ليأخذ حظه مما يأخذه الصبيان