الضمير «نحن» هو لله سبحانه وتعالى .. وفيه استدعاء للرسول ، ومداناة له من ربّه ، وتكريم لذاته بهذا الحديث الذي يتلقاه من ربه من غير واسطة .. (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ) .. وهذا على خلاف لو جاء النظم هكذا : «الله يقص عليك» ..
والقصّ تتبع الأثر ، والتعرف على صاحبه. وقصّ الأخبار ، تتبعها والكشف عنها ..
وأحسن القصص ، أصدقه حديثا ، وأشرفه غاية ، وأكرمه مقصدا ، وأقومه طريقا ..
ولا نذهب مذهب القائلين بأن التفضيل هنا على غير حقيقته ، بمعنى أنه ليس هناك مفضل ومفضل عليه ، باعتبار أن لا حسن فى قصص غير قصص القرآن ، وأن القصص القرآنى هو الحسن ، وهو الأحسن .. بل نقول إن التفضيل على حقيقته ..
ونقول : إن القصص القرآنى وإن كان الغاية فى الحسن والكمال ، فإن ذلك لا يمنع أن يكون فى القصص غير القرآنى ، مما ألّفه المؤلفون ، وقصّنّه القاصّون ، سواء ما كان من نسيج الواقع ، أو من شباك الخيال ، وسواء ما كان على ألسنة الناس أم على ألسنة البهائم والطير ـ إن ذلك لا يمنع أن يكون فى هذا القصص ما هو حسن يتأدب به ، وتؤخذ منه العبرة والموعظة .. وليس ذلك بالذي ينزل من قدر القصص القرآنى ، أو يزحمه فى منزلته العالية التي انفرد بها ، بل إن ذلك من شأنه أن يكشف عن جوهر القصص القرآنى ، ويبين عن شرفه وعلوّ منزلته ، حين يوزن بميزان الحسن ، ويوضع فى الكفّة المقابلة للقصص القرآنى ، فيرجح القرآن كلّ ما عرف من قصص حسن ، والشأن فى هذا ، شأن البيان القرآنى كلّه ، مع البلاغة العربية وبيانها .. فإن