سواء باعتباره كلّا لا يتجزأ ، بحيث ينظر إليه من المبدأ إلى الختام ، نظرة يلتقى فيها متشابهه مع محكمه ، ومجمله مع مفصله ، وقصصه مع أحكامه وآدابه .. أو باعتباره آيات تعرض أحداثا ومواقف ، وتحدث عن أدلة وشواهد ، وتكشف عن أسرار ومغيبات ..
وثالثا : فى ذكر الكتاب ، والتزام هذا الذكر بعد تلك الأحرف ، تحريض على العلم ، ودعوة إلى التعلم ، وأن من شأن من يتعامل مع القرآن الكريم أن يكون من أهل العلم ، الذي مارس الكتابة ، ودرس الكتب .. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى : (وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ وَما يَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُونَ) (٤٣ : العنكبوت).
ولا شك أن هذه اللفتة من القرآن الكريم ، إلى قوم أميين ، وأمة أمّية ، تحمل فى طياتها دعوة إلى هؤلاء الأميين أن يخرجوا من تلك الأمية ، وأن ينزعوا عنهم لباس الجهل والجاهلية ، وأن يأخذوا بأسباب الحضارة التي لا تقوم إلا على ركائز العلم والمعرفة! ولعلّ فى عرض هذه الأحرف المتقطعة : ألف .. لام .. راء .. وغيرها من الحروف التي بدأت بها بعض السور ـ لعل فى هذا أول درس عملىّ يقدمه القرآن ، ويفتح به الطريق إلى تعليم الكتابة والقراءة ، إذ كانت تلك الأحرف هى أول ما عرف العربىّ الأمىّ من أجزاء الكلمة ، وعرف منها أن الكلمات التي ينطق بها ليست مركّبات مصمتة ، وإنما هى قوالب ، يتشكل من كل مجموعة منها بناء ، هو الكلمة ، كما يتشكل من الكلمات نظام ، يتألف منه الكلام ، الذي يتعامل به الناس فى لغة التخاطب ، وفى نظم القصيد ، أو إنشاء الخطبة .. فكما يتعلم المبتدئ القراءة والكتابة بتعلم الحروف الهجائية التي تبنى منها الكلمات ، كذلك يتعلم العرب الأميون من هذه الأحرف المقطعة كيف