الذي يجريها ، وهو سبحانه ، الذي يرسيها .. (فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ) وإذ كان ذلك هو الله رب العالمين ، فهو المستحق وحده لأن يعبد ، وأن يعتمد عليه ، وأن يعلم المرء زمامه إليه (فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ) .. فالعبادة هى الزاد الذي يتزود به الإنسان فى طريقه إلى ربّه .. فإذا عبده العابد ، وأخلص له العبادة ، قويت صلته به ، واطمأن قلبه إليه ، فتوكل عليه ، وأسلم إليه أمره ..
ـ (وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) .. إنه رقيب على كل شىء ، عالم بكل شىء ، لا تخفى على الله خافية فى الأرض ولا فى السماء .. فهو ـ سبحانه ـ يحصى علينا أعمالنا ، حسنها ، وسيئها ، ويحاسبنا عليها ، ويجزينا بالإحسان إحسانا ، وبالسوء سوءا. (لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى) (٣١ : النجم)
وهكذا تبدأ السورة بتوجيه الخطاب إلى النبىّ الكريم ، وإلفاته إلى الكتاب ، الذي نزل إليه من ربّه : (الر كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ* أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللهَ إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ) ثم هى تنتهى بخطاب النبىّ أيضا .. ودعوته إلى عبادة ربّه ، الذي أنزل عليه هذا الكتاب ، والتوكل عليه .. إذ هو أعرف الناس بربّه ، وأولاهم بعبادته والتوكل عليه .. وهو سبحانه رقيب على كل شىء ، عالم بكل شىء ـ يرى المحسنين والمسيئين ـ ويجزى كلّا بما كسب .. (وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ)