القوانين الوضعية ، وعملت له دعوات القادة والمصلحين فى كل زمان ، وفى كل مجتمع صالح رشيد.
ونستمع إلى قوله تعالى : (أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ؟ نَحْنُ قَسَمْنا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا ، وَرَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) (٣٢ : الزخرف).
نستمع إلى كلمات ربّ العالمين هذه فنجد فى قوله تعالى : (لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيًّا) ما يكشف عن هذا السرّ العظيم الذي تحدّث به بعض أسرار هذه الآية الكريمة .. فالناس بحكم هذا الاختلاف القائم بينهم ، وبحسب استعدادهم الفطري ، وحكم ظروفهم وأحوالهم ـ هم جميعا مسخّرون .. أي يخدم بعضهم بعضا ، ليس فيهم خادم ومخدوم .. بل كلّهم يخدم ويخدم ، ويستوى فى هذا العالم والجاهل ، والزارع ، والصانع ، والقوىّ والضعيف ، والحاكم والمحكوم .. إنهم جميعا أشبه بالآلة الميكانيكية ، لا تكون آلة عاملة ، ذات قوة محركة ، إلا إذا عمل كل جزء من أجزائها .. أيّا كان وضعه فيها ، وأيّا كانت قيمته الذاتية بين أجزائها .. بل أنهم أشبه بالجسد الإنسانى فى تجاوب أعضائه جميعا فى العمل على كل ما من شأنه أن يحفظ عليه حياته ، ويوفر له أمنه وسعادته.
لقد عرف الناس هذه الحقيقة منذ كان لهم وجود اجتماعي ، بل إن هذا الوجود الاجتماعى نفسه إنما دعتهم إليه حاجة بعضهم إلى بعض ، وخدمة بعضهم لبعض .. وهذا ما يشير إليه قول الشاعر العربي.
الناس للناس من بدو ومن حضر |
|
بعض لبعض ـ وإن لم يشعروا ـ خدم |