أرض الله .. وإذن فليدعوا ناقة لله تأخذ رزقها من أرض الله ، ولا يمسّوها بسوء! فإن اعتدوا عليها ، وخالفوا أمر الله فيها ، فلينتظروا العذاب القريب الذي سيحل بهم!
ولقد كان من سفه القوم ، وجهلهم ، وغلبة الشّقوة عليهم ، أن تخطت نظرتهم إلى الناقة ، كل شىء فيها ، مما يكشف لهم الطريق إلى الله ، وإلى الإيمان به ـ ووقفوا عند العذاب ، الذي أنذروا به منها ، إذا هم عرضوا لها بسوء ـ فعملوا على كشف هذه الآية منها ، واستحلابها من ضرعها! وذلك لأنهم كانوا على تكذيب بكل ما حدّثهم به «صالح» عنها ، وإنهم لكى يقيموا البرهان على كذبه ، استعجلوا العذاب الذي أنذرهم به إن هم مسّوها بسوء. فما هو إلا أن يعقروا الناقة حتى يأتيهم هذا العذاب ، إن كان هناك عذاب ، وإلا فقد افتضح أمر صالح ، وظهر كذبه!
وقد فعلوها! «فعقروا الناقة وعتوا عن أمر ربهم ، وقالوا يا صالح : ائتنا بما تعدنا إن كنت من المرسلين» (٧٧ : الأعراف).
وهكذا يلعب الأطفال بالنار ، فتقع بهم الواقعة ، ويحلّ بهم العذاب الذي لا مردّ له!
قوله تعالى :
(فَعَقَرُوها فَقالَ تَمَتَّعُوا فِي دارِكُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ ذلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ).
وتلك آية أخرى .. إنها العذاب الذي سيأخذهم الله به ، بعد ثلاثة أيام .. وفى توقيت وقوع العذاب بثلاثة أيام :
أولا : أن يظلوا خلال تلك المدة واقعين تحت وطأة تلك الخواطر المزعجة المقلقة ، بين التصديق والتكذيب ، وكانوا كلما مضت لحظة من الزمن ازداد قلقهم واضطرابهم ، انتظارا لما يطلع به عليهم هذا الوعيد ، فى اليوم الثالث من تلك الأيام التي أقتت لهلاكهم.