ما لا يتصور أن تحمله سفينة ، كما أنه ضرب من العبث ، بل وإنه لمن الضلال والضياع أن يصحب الإنسان هذه الحيوانات المهلكة ..
وثالثا : ما وصف به الماء الذي كانت تجرى عليه السفينة ـ وأنها تجرى فى موج كالجبال ـ هذا الوصف قد أثار عند المحدّثين تساؤلات كثيرة ـ خاصة عند من ينكرون أن الطوفان كان عامّا شمل الأرض كلها ـ فيقول قائلهم : وأين هى الأمواج التي تكون كالجبال؟ ثم ما داعيتها إذا كان المراد هو إغراق جماعة ضلّت طريقها إلى الله؟ ألا يكفى أن يكون سيلا جارفا ينزل بهم ، ويقضى عليهم؟
والجواب : أن تشبيه الأمواج بالجبال لا يعنى أن تكون مثل الجبال حجما وعلوا ، سواء بسواء ، بل يكفى أن يكون هناك وصف مشترك بينهما .. وفى الأمواج ما يرتفع إلى علو يبدو وكأنه فوق صفحة الماء هضاب وجبال على ظهر الأرض .. فالأمواج العالية ، هى جبال فوق سطح الماء ، وإن لم تبلغ الجبال التي على ظهر الأرض .. ضخامة وارتفاعا ..
فإذا نظرنا إلى «الطوفان» باعتبار أنه كان ظاهرة من ظواهر الطبيعة ، وثورة من ثوراتها العاتية ، كان لنا أن نرى هذه الصورة التي رسمها القرآن ، أمرا ممكنا ، إذ يقع كثير من الطوفانات فى العالم بفعل الأعاصير العاتية ، فتجتاح المدن ، ويرتفع الماء ، إلى عشرات الأمتار فوق سطح البحر .. فكيف إذا كان طوفان نوح هذا ، ظاهرة فريدة بين تلك الظاهرات؟ إنه معجزة قاهرة متحدية .. لن يقع مثلها ، ولن يتكرر أبدا! ..
رابعا : هذا الطوفان .. هل كان محليا ، شمل المنطقة التي كان يعيش فيها نوح وقومه .. أم تجاوزها فشمل اليابسة كلها ، بحيث لم يكن هناك شبر منها لم يغطّه الماء؟