وقوله تعالى : (وَوَحْيِنا) أي بإرشادنا لك ، بما نوحيه إليك من أمر السفينة ، وكيف تصنعها ، وعلى أي وجه وصورة تقيمها ..
ـ وفى قوله تعالى : (وَلا تُخاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا) .. إشارة إلى شدّة نقمة الله على هؤلاء المكذبين الضّالين ، واستبعاد لكل شفيع يشفع لهم ، كما فى قوله تعالى : (وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلاً) (١١ ـ المزمل) وقوله سبحانه : (ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً) (١١ : المدثر).
وفى قوله تعالى : (إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ) حكم قاطع لا مردّ له ..
*: (وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّما مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَما تَسْخَرُونَ* فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذابٌ مُقِيمٌ).
امتثل نوح أمر ربّه ، وأخذ بصنع السفينة كما أمره الله ، وكما أرشده ووجهه .. وكان كلّما مرّ عليه «ملأ» أي جماعة من قومه وهو يعمل فى السفينة ، هزئوا منه وأسمعوه ما يؤذيه من قوارص الكلم ، وقالوا ما حكاه القرآن عنهم فى قوله تعالى : (فَكَذَّبُوا عَبْدَنا وَقالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ) (٩ : القمر) .. ولكنّ نوحا يعلم ماوراء هذا الأمر الذي هو قائم عليه .. إنه النجاة له ، والهلاك للقوم الظالمين .. فهم إن سخروا منه اليوم ، فإنه سيسخر منهم عدا ، حين ينكشف لهم الأمر. ويحلّ بهم البلاء. (إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَما تَسْخَرُونَ).
____________________________________
الآيات : (٤٠ ـ ٤٤)
(حَتَّى إِذا جاءَ أَمْرُنا وَفارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيها مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَما آمَنَ مَعَهُ