الحق والباطل ، وبين المحقّين والمبطلين ، بعد أن عرضت الآيات السابقة موقفا قائما بين النبىّ وقومه ، وما يدعوهم إليه من هدى وخير ، وما يلقونه به من صدّ وتكذيب!
وفى ذكر أخبار الأولين ، وما فى تلك الأخبار من مواقف مشابهة للأحداث الجارية التي يعيش فيها الناس يومهم هذا ، تذكير لهم بتلك الحقيقة التي تقررت بحكم الواقع ، وهى أن النصر دائما للمؤمنين ، وأن الخزي والهوان دائما على المكذبين الكافرين ..
وقصة نوح وقومه ، هى أولى الأحداث الإنسانية ، التي اصطدم فيها رسول من رسل الله بقومه .. ثم تجىء بعد هذا قصص مشابهة لها ، يجىء بها القرآن مرتبة ترتيبا زمنيا ، حسب وقوعها .. قصة «عاد» ونبيّهم «هود» وقصة «ثمود» ونبيّهم «صالح» .. وهكذا .. إبراهيم ، ولوط ، وموسى ، وعيسى.
فهذا نوح ـ عليهالسلام ـ يلقى قومه برسالة ربه ، منذرا إياهم بالعذاب الأليم ، إن هم لم يستجيبوا له ، ويؤمنوا بالله رب العالمين .. ومبشرا لهم بالجنة والرضوان إن هم آمنوا بالله ، وأخلصوا دينه له .. (إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ) وهذا أول صوت نسمعه من نوح ، يؤذّن به فى قومه ، فى هذه القصة ..
ولا شك أن هناك أحداثا كثيرة ، طواها النظم القرآنى ، ولم يذكرها ، إذ هى مما يفهم بداهة .. كمجىء نوح إلى قومه ، ودعوته لهم ، وشرحه لرسالته فيهم .. ومن قبل ذلك ، كان إعلام الله سبحانه وتعالى إيّاه باختياره للنبوة ، واصطفائه بالرسالة ، ثم تلقيه مضمون هذه الرسالة .. وهكذا ..
وفى قول نوح لقومه : «إنى لكم نذير مبين. ألّا تعبدوا إلا الله إنى أخاف عليكم عذاب يوم أليم» هو تلخيص لمضمون رسالته ، وضبط لمحتواها .. فهو نذير بليغ ، يحذرهم عذاب الآخرة ..