ـ (وَيَقُولُ الْأَشْهادُ هؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلى رَبِّهِمْ) .. الأشهاد ، هم الرسل ، الذين يحضرون عرض هؤلاء المفترين ، على ربّهم. ويشهدون عليهم بما كان منهم ، من تكذيب بالله ، وافتراء عليه ، بما كانوا ينسبون إليه سبحانه من صاحبة وولد .. فكل نبى شهيد على من بعث فيهم .. وفى هذا يقول الله تعالى : (وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنا بِكَ شَهِيداً عَلى هؤُلاءِ) (٨٩ : النحل).
ويقول سبحانه : (فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً) (٤١ : النساء).
وشهادة الرسل على هؤلاء المفترين على الله ، هى شهادة تخزى هؤلاء المكذبين المفترين ، وتبهتهم ، وتدينهم بين يدى الله ، وتقيم أسباب الحكم عليهم بالعذاب الأليم .. وفى هذا مضاعفة لآلامهم ، حتى لكأن هذه الشهادات قيود وأغلال تمسك بهم أن يفلتوا من العذاب.
وفى إشارة الرسل إليهم بقولهم : (أُولئِكَ) تأكيد لذوات هؤلاء المجرمين ، وإحكام للدائرة المطبقة عليهم ، فلا يفلت منهم أحد ، ولا يدحل عليهم من ليس منهم .. فهم وحدهم فى هذا المكان المنعزل ، وفى ذلك المنزل السوء ..
ـ «ألا لعنة الله على الظالمين» .. قد يكون هذا تعقيبا من الرسل بعد أن أدّوا الشهادة على هؤلاء الظالمين من أقوامهم ، الذين كذبوهم ، وآذوهم .. أو قد يكون تعقيبا من النّظّارة جميعا ، من الخلائق التي شهدت هذا العرض ، من الناس والملائكة ..
وفى وصفهم «بالظالمين» ، بدلا من «الكاذبين» الذي يقتضيه سياق النظم ، إشارة إلى أنهم لم يكونوا كاذبين وحسب ، بل كانوا متجاوزين الحدود