فالإنسان ـ مطلق الإنسان ـ هو كما وصفه الله سبحانه ، فى قوله عزّ من قائل : (إِنَّ الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً* إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً* وَإِذا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً* إِلَّا الْمُصَلِّينَ* الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ) (١٩ ـ ٢٣ : المعارج) وقوله سبحانه : (كَلَّا إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى * أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى) (٦ ـ ٧ : العلق)
فالإنسان فى كيانه ، هو واه ضعيف .. لأنه خلق من ضعف ، كما يقول سبحانه : (اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً) (٥٤ : الروم) .. وكما يقول جلّ شأنه : (وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً) (٢٨ : النساء) .. ولكنه حين تلبسه القوة ، ينسى ضعفه ، ويستولى عليه الغرور ، ويستبدّ به العجب والخيلاء ، فإذا هو مارد جبار ، وسفيه أحمق ، وطائس نزق .. يحارب ربّه ، ويكفر بخالقه ، ويستعبد الناس ، أو يتعبّد هو للناس ، ولا يتعبد لربّ العالمين!
ـ وفى قوله تعالى : (وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ الضُّرُّ دَعانا لِجَنْبِهِ أَوْ قاعِداً أَوْ قائِماً) .. نجد التعبير بالمسّ هنا مفصحا عن مدى ضعف هذا الإنسان وخوره .. وأن مجرّد مسّ الشرّ له ، يكر به ويزعجه ، ويفسد عليه حياته .. وإذا هو صاخ إلى الله ، ضارع بين يديه .. يدعو فى كل حال يكون عليه : لجنبه ، أو قاعدا ، أو قائما .. فهو من لهفته وانحلال عزيمته ، يدعو بكل لسان ، ويستصرخ بكل جارحة ..
ـ وفى قوله تعالى : (فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنا إِلى ضُرٍّ مَسَّهُ) .. نجد أن هذا الإنسان الصارخ الضارع المستسلم المستكين ، حين يرفع الله عنه البلوى ، ويكشف ما به من ضر ، يمكر بفضل الله عليه ، وينسى رحمته به ..