لآفات كثيرة ، فيصيبها الفساد والعطب ، فتتعطل منها القوى المدركة لآلاء الله ، القادرة على الاتصال به ، فيكون الضلال والتّيه فى عوالم الشرك والكفر ..
وفى الحديث : «ما من مولود إلا يولد على الفطرة ، فأبواه يهوّدانه ، وينصرانه ، ويمجّسانه» فقد خلق الله عباده حنفاء ، ولكن شياطين الإنس والجنّ دخلوا عليهم بالغواية والضلال ، فأغووهم وأضلوهم .. وهذا ما أحبّ أن أفهم عليه قول الله تعالى عن إبليس لعنه الله (.. وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطاناً مَرِيداً* لَعَنَهُ اللهُ وَقالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبادِكَ نَصِيباً مَفْرُوضاً* وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذانَ الْأَنْعامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللهِ ..) (١١٧ ـ ١١٩ : النساء» .. ففى قول إبليس ـ لعنه الله ـ (وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللهِ) إشارة إلى أن من دعوته إلى من يستمعون إليه ، ويستجيبون له ـ أن يغيروا فطرتهم التي فطرهم الله عليها ، وأن يدخلوا عليها من الأباطيل والضلالات ما يفسدها.
وفى قوله تعالى : (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى شَهِدْنا) ـ فى هذا إشارة إلى أن الله ـ سبحانه وتعالى ـ قد أخذ أي أخرج من أبناء آدم ، أي من ظهورهم ذريتهم ، وأنه ـ سبحانه ـ أشهدهم على أنفسهم ، وهم فى عالم الأرواح ـ حيث تشعر كل روح بذاتها ووجودها ـ أليس الله سبحانه وتعالى هو ربكم وخالقكم؟ فشهدوا جميعا وقالوا : بلى أنت ربّنا وخالقنا.
والله سبحانه وتعالى ، يخاطب عالم الخلق جميعا ، من حىّ وغير حىّ .. (ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ) (١١ : فصلت).