وهذا التقطيع هو حكم من أحكام الله فيهم.
(مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ) أي منهم من كان فى هذا الخلق الجديد ـ خلق القردة ـ مستقيما مع خلقته تلك ، أو منحرفا عنها ، كما هو الشأن فى كل صنف من أصناف الخلق .. فيه السليم ، وفيه المنحرف الشرس ..
(وَمِنْهُمْ دُونَ ذلِكَ) أي ومنهم من ليس صالحا حتى فى مسلاخه الجديد ، الذي لبسه .. مسلاخ القردة!
(وَبَلَوْناهُمْ بِالْحَسَناتِ وَالسَّيِّئاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ).
أي أن الله سبحانه وتعالى قد ابتلاهم بالخير والشرّ ، وأذاقهم الحلو والمرّ ، ليروا العافية بعد البلاء ، والبلاء بعد العافية ، لعلّهم يذكرون الله ، ويرجعون إليه.
(فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتابَ).
خلف : أي جاء من بعد السّلف خلف.
و «الخلف» السيء من الخلف ، والرذل الرديء من الذريّة.
والكتاب الذي ورثه هؤلاء الخلف ، هو التوراة ، ومعنى ميراثهم له أخذهم به ، وجعله شريعة لهم ، كما هو شريعة لآبائهم ..
(يَأْخُذُونَ عَرَضَ هذَا الْأَدْنى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنا).
أي أنهم يأخذون الخبيث الحرام من متاع هذه الحياة الدنيا ، متأوّلين ذلك بأن الله سيغفر لهم ما وقعوا فيه من حرام ، وقد زيّن لهم الشيطان أعمالهم ، فجعلوا لهم إلى الله نسبا ، إذ قالوا ما قال القرآن على لسانهم : (نَحْنُ أَبْناءُ اللهِ وَأَحِبَّاؤُهُ) (٢٠ : المائدة).
وبهذا النسب الذي ادّعوه ـ كذبا وبهتانا ـ استباحوا كل حرام ، وركبوا كل منكر ، والله سبحانه وتعالى يقول فيهم : (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا