إِلاَّ فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِها مَنْ تَشاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشاءُ أَنْتَ وَلِيُّنا فَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغافِرِينَ) (١٥٥)
____________________________________
التفسير : فى التعبير عن ذهاب الغضب عن موسى بالسكوت هكذا : (وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ) إشارة إلى أنه كان غضبا عارما ، مجسّدا ، حتى لكأنه كائن حىّ ، له صوت مسموع ، يهتف بموسى : أن اغضب!
وفى قوله تعالى : (لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ) توكيد للرهبة وإضافتها إلى الله ، ، وقصرها عليه وحده .. والرهبة : الخوف من الله ، والخشية له ..
وقوله تعالى : (وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِمِيقاتِنا) أي تخيّر موسى من قومه سبعين رجلا ليكونوا معه فى ميقاته مع الله ، وليروا معه الله الذي طلبوا إليه أن يريهم إياه ، فلما تجلى الله سبحانه وتعالى للجبل وجعله دكّا ، وخرّ موسى صعقا ـ صعق معه هؤلاء السبعون الذين اختارهم من رءوس بنى إسرائيل .. وحين أفاق موسى ، ورأى القوم صرعى حوله ، هاله الأمر ، وخشى أن يلقى قومه وبين يديه هذا الخبر بمصرع رؤسائهم .. وهنا يناجى موسى ربه : (رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ) إنه يتمنى لو أن الله كان أهلكهم وأهلكه معهم ، وهم بين القوم ، حتى لا ينظر إليه القوم نظرة الجاني على هؤلاء الصرعى.
وقوله : (أَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنَّا) هو استفهام استعطافى ، يفيد الدعاء ، أي ربّ لا تهلكنا بما فعل السّفهاء منّا.
وقوله : (إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِها مَنْ تَشاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشاءُ) .. الفتنة : الابتلاء والاختبار ، أي ما يبتلى الناس به من خير أو شر ، كما يشير إلى ذلك قوله تعالى : (وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً) .. فما يبتلى به الناس من نعم