والتي كان النبي ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ قد تألف بها بعض النفوس التي كانت تعادى الإسلام ، وتحقد على رسول الله أن كان هو المبعوث المتخيّر لدين الله ..!
وقد اشتمل ـ هذا البيان فيما اشتمل عليه ممن لهم نصيب فى الصدقات ـ المؤلفة قلوبهم ، الذين كان منهم من تألفه رسول الله صلىاللهعليهوسلم من غنائم هوازن ..
وفى هذا ما يكشف عن أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ـ كان فيما فعله فى غنائم هوازن ، وفى اقتطاع قدر منها لمن أراد أن يتألف قلوبهم ـ كان منفذا لأمر الله ، ولم يكن فيما قضى به فى ذلك منقادا لهوى أو مؤثرا لقرابة أو صداقة .. وحاشاه ، صلوات الله وسلامه عليه.
والآية الكريمة وإن كانت فى بيان مصارف «الصدقات» التي خصصها الفقهاء هنا «بالزكاة» حيث استبان لهم من قوله تعالى ، (وَالْعامِلِينَ عَلَيْها) أن ذلك يشير إشارة صريحة إلى أن المراد بالصدقات هو الزكاة ، التي لها وحدها من دون الصدقات ، عاملون يعملون لتقديرها وأخذها ممن وجبت عليهم هذه الفريضة ..
نقول : إن الآية الكريمة وإن كانت فى بيان مصارف الزكاة ، فإن ذلك لا يمنع من أن تكون الصدقات كلها ، سواء ما كان منها فريضة كالزكاة ، أو تطوعا كالإنفاق فى سبيل الله ، والإحسان إلى الفقراء والمساكين ، وفى كل وجه من وجوه البر ـ لا يمنع ذلك من أن تكون جميعها محكومة بهذا البيان ، موجهة فى هذه الوجوه التي أشارت إليها الآية الكريمة ، ودلّت بها على وجوه المصارف التي يصرف إليها المحسنون إحسانهم ، وما تجود به أنفسهم ، وتقدمه أيديهم من برّ وصدقة.