أمّا من لا يقدر على القتال ، لمرض ، أو شيخوخة ، أو نحو هذا ، فإنه وإن رفع الله عنه الحرج إذا لم يجاهد بنفسه ، فإن الحرج قائم عليه إذا هو لم يجاهد بماله ، إن كان له مال .. فإذا بذل المال ، وأمدّ به المجاهدين ، كان مجاهدا ، وحسب فى المجاهدين ..
وفى الحديث الشريف : «من جهّز غازيا فقد غزا».
فليس لمسلم ـ أيّا كان حاله ووضعه فى المجتمع ـ أن يتخلّف عن الجهاد فى سبيل الله ، فلكل إنسان مكانه فى المعركة .. إذ ليست المعركة معركة سيف وحسب ، بل هى معركة ، سلاح ، وعتاد ، ومئونة .. بل هى قبل ذلك كله معركة مشاعر وأحاسيس ، بمعنى أن الأمة كلها ينبغى أن تكون فى مواجهة المعركة على شعور واحد ، ينتظم جميع أفرادها ، هو شعور مواجهة العدوّ ، والتصدّى له ، وطلب الغلب عليه .. فهذا الشعور هو الذي يجعل الأمة الإسلامية كلها جيشا واحدا يحمل السلاح ، ويضرب فى وجه العدو ..
ومناسبة هذا الآية لما قبلها أنها أشبه بالتطبيق العملي لما تكشف عنه الآيات السابقة من نصر الله سبحانه وتعالى لنبيّه الكريم ، وأن من كان من حزب الله فلن يغلب أبدا ، ولو كان وحده .. فليأخذ المسلمون مكانهم فى الجهاد فى سبيل الله ، فيكونوا من حزب الله.
هذا ، ويلاحظ أن هذه الدعوة المشدّدة إلى القتال ، واستنفار المسلمين جميعا للجهاد فى سبيل الله ، إنما كانت إرهاصا بدعوة المسلمين إلى ابتلاء جديد ، بلقاء عدو جديد ، فى وطن جديد .. وذلك فى غزوة تبوك التي كانت آخر غزوة غزاها النبىّ .. كما سنعرض لها فيما بعد .. إن شاء الله ..