ولكن الإسلام شىء .. وأهله شىء آخر ، فى هذا العصر الأقل ..
وأنه إذا كانت قد عرضت للمسلمين عوارض الضعف والوهن فى فترة من فترات تاريخهم الطويل ، فليس من الإنصاف للإسلام أن يقام ميزانه على حساب تلك الفترة العارضة ..
وإن على الذي ينشد الحق للحق ، أن ينظر إلى الإسلام أولا وقبل كل شىء .. فى مبادئه ، وأحكامه ، وفى تصوره للألوهية ، وللحياة الآخرة ، وفى دعوته الأخلاقية لبناء الكيان الإنسانى ، وصلته بالمجتمع الإنسانىّ وبالحياة .. فإن وجد نظاما وضعيا أو دينيا عرفته الحياة ، قديما أو حديثا ، فى سياسة الأمم والشعوب ، وفى إقامة موازين العدل بين الناس ، وفى تنظيم العلاقات بينهم فى الحرب والسلم ـ إن وجد نظاما وضيعا أو دينيا يقارب نظام الإسلام ، فى اعتداله وتوازنه ، وتواقفه مع متطلبات الناس وواقع الحياة ، فليقل فى الإسلام ما يقول ، وليرمه بالسّهم القاتل ، وهو أنه ليس من عند الله ، إذ لا يكون من عند الله شىء يكون فيه خلل أو اضطراب ..!
ثم إن من ينشد الحقّ للحق ، وينظر إلى الإسلام نظرا مباشرا ، ينبغى ألّا يغفل عن تلك الفترة المشرقة من تاريخ المسلمين ، يوم كان الإسلام قائد حياتهم ، وراية دولتهم ، ودستورهم العامل فى حياتهم السياسية والاجتماعية والاقتصادية ، فذلك من شأنه أن يعطى الإسلام فرصته ، ليقيم بين عينى الناظر إليه ، مجتمعا بشريا لم تعرف الحياة مثيلا له ، فى ماضيها وحاضرها .. مجتمعا ملأ يديه من طيبات الحياة فى أصفى مواردها ، وأكرم منازلها ، دون أن ينسى نصيبه من معطيات الروح .. فكانت قدمه على الأرض ، ورأسه فى السماء!
والسؤال الذي نسأله هنا .. هو :
إذا كانت بعض الأديان ـ بما دخل عليها من تبديل وتحريف ـ قد فضحها