يدينون به ، وهى ثمرات معطوبة ، لا تشتهيها نفس ، ولا يستريح إليها نظر!! فحال المسلمين ـ فى أفرادهم وجماعاتهم وأممهم ـ فى المستوي الذي لا يرضى أحد من الشعوب المتقدمة أن يكون عليه ، من الفقر والضعف ، فى ماديات الحياة ومعنوياتها جميعا .. فكيف يكون للإسلام وجه يطلع به على الحياة العصرية ، ويدعو أهلها إليه؟
والحق أن الذي ينظر إلى الإسلام من خلال أهله ، ويأخذه بحسابهم ، يفرّ من الإسلام ، ويصرف وجهه عنه ، إن لم يكن هناك طريق آخر يصله بالإسلام ، وبمبادئه اتصالا مباشرا ، لا يمرّ به على طريق يطلع منه على العالم الإسلامى وأحوال المسلمين .. اليوم!.
إن الدين بأهله ..
ولقد صغرت نفوسنا ـ نحن المسلمين ـ وضمرت ذاتيتنا ، فصغر فيها كل معنى كريم ، وضمر فيها كل مثل فاضل.
إن النفوس المريضة تتغير فيها حقائق الأشياء ، كما تتغير حقائق المرئيات وصورها فى العين المريضة ، وكما تنحرف مذاقات الطعوم فى الفم السقيم ..
والواقع أننا قد أصبنا فى القرون الأخيرة بعلل وأوجاع ، أفسدت حياتنا ، وأنزلتنا منازل الهون فى دنيا الناس .. فاستعمرت أوطاننا بالدخلاء ، وصار إلى غيرنا تدبير شئوننا ، وتوجيه حياتنا .. وكان من خداع المستعمر ومكره بنا ، وكيده لنا ، أن جعل من همّه الأول ، إفساد عقيدتنا ، وعزلنا عن ديننا ، وخلق جفوة بيننا وبينه .. إذ كان يعلم إن الدين هو الذي يقف عقبة فى سبيل إماتة مشاعر الحياة الإنسانية الكريمة فى الشعوب التي يحتلّها ، وأنه ما دام للدين الإسلامى سلطان على النفوس ، وتحكك بها ، فإن الاستعمار لن يبلغ الغاية التي يريدها من استسلام الناس استسلاما مطلقا له ، يتمكن به من تضييع معالمهم ،