الكريم ، الذي هو مصدق لهذا الكتاب الذي فى أيديهم ، ومهيمن عليه ..
ولشبهة الكفر ، أو شبهة الإيمان عند أهل الكتاب ، فقد أخذهم الله بحكم غير حكم الكافرين والمشركين .. فهم ليسوا مؤمنين ، وإن لم يكن الإيمان بعيدا منهم.
ومن هنا كان أمر الله فيهم أن يدعوا إلى الإيمان الحقّ ، فإن استجابوا وآمنوا ، كان لهم ما للمؤمنين ، وعليهم ما عليهم .. وإن أبوا كان على المسلمين قتالهم ، حتى يستسلموا ، ويصبحوا فى يد المسلمين ، يجرى عليهم حكمهم ، وتبسط عليهم يدهم .. ثم إنه ليس للمسلمين قتلهم ، كما يقتل الكافرون والمشركون .. ولكن إذا سلمت لهم أنفسهم ، فلن تسلم لهم أموالهم ، بل عليهم أن يؤدوا منها جزية للمسلمين ، وأن يؤدوها صاغرين ، أي مقهورين مغلوبين.
وقد ألحقت السّنّة المجوس باليهود والنصارى فى أخذ الجزية منهم بدلا من القتل المضروب على المشركين والكافرين ، وغيرهم ، ممن لا كتاب لهم.
يقول الإمام الشافعي ـ رضى الله عنه ـ «إنها (الجزية) تؤخذ من أهل الكتاب ، عربا كانوا أو عجما ، ولا تؤخذ من أهل الأوثان مطلقا ، لثبوتها فى أهل الكتاب ، بالكتاب ، وفى المجوس ، بالخبر».
وعند أبى حنيفة أنها تؤخذ من أهل الكتاب مطلقا ، ومن مشركى العجم والمجوس لا من مشركى العرب».
وهذا الذي يراه أبو حنيفة هو الأولى بأن يؤخذ به ، لأنه يجرى مع الحكمة فى أخذ الجزية من أهل الكتاب ، وعدم أخذها من مشركى العرب .. وذلك لأن العرب قد شهدوا دلائل النبوة كاملة ، واستمعوا إلى آيات الله ، وعرفوا مواقع الإعجاز منها ، وأن القرآن عندهم ليس بالذي يخفى عليهم علوّ متنزّله ، وأنه