الذي ينظر إليه وإلى أعماله ، كأصل أصيل فى تقويم الناس وأعمال الناس.
وقوله تعالى : (وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) إشارة إلى أن أصحاب هذه الأعمال الطيبة قد ظلموا هذه الأعمال ، إذ لم يزكّوها بالإيمان ، كما أنهم قد ظلموا أنفسهم ، إذ لم يظهروها من الرجس والشرك.
قوله تعالى : (الَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللهِ وَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ* يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيها نَعِيمٌ مُقِيمٌ* خالِدِينَ فِيها أَبَداً إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ)
فى هذه الآيات عرض لمنازل المؤمنين فيما بينهم ، بعد أن ميّز الإيمان بينهم وبين المشركين ، وجعلهم جميعا فى مقام كريم عند الله ، يتقبل أعمالهم الطيبة ، ويتجاوز عن سيئاتهم ، على حين لا يقبل من غير المؤمنين عملا ، ولو كان مما يدخل فى باب الطيبات الصالحات من الأعمال.
والمؤمنون الذين هاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم فى سبيل الله ، أعظم درجة عند الله ، من الذين آمنوا وجاهدوا ولم يهاجروا .. والذين آمنوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم فى سبيل الله ، أعظم درجة عند الله من الذين آمنوا ولم يهاجروا ولم يجاهدوا .. وهكذا يتفاوت المؤمنون فى منازلهم ودرجاتهم عند الله.
وأعلى درجة عند الله للمؤمنين ، هى درجة المهاجرين الذين جاهدوا فى سبيل الله بأموالهم وأنفسهم بعد أن اجتمع لهم الإيمان والهجرة ـ وقد وعدهم الله سبحانه وتعالى بالفوز برضوانه وجناته ، ينعمون فيها بنعيم مقيم ، لا ينفد ولا ينقطع أبدا .. (خالِدِينَ فِيها أَبَداً إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ)