بعلم العليم ، وحكمة الحكيم ، فما وقع شىء فى ملكه إلا على هذا التقدير الذي يقدّره العلم ، وتحكمه الحكمة ..
____________________________________
الآيات : (١٦ ـ ١٨)
(أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللهِ وَلا رَسُولِهِ وَلا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ (١٦) ما كانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَساجِدَ اللهِ شاهِدِينَ عَلى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خالِدُونَ (١٧) إِنَّما يَعْمُرُ مَساجِدَ اللهِ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللهَ فَعَسى أُولئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ) (١٨)
____________________________________
التفسير : قوله تعالى : (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللهِ وَلا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ)
هو تنبيه للمؤمنين إلى أن الإيمان ليس مجرد عقيدة يعتقدها المؤمن ، فى الله وكتبه ورسله ، ثم يعيش بهذه المعاني مضمرة فى كيانه ، كما تضمر الحبة فى باطن الأرض ، لا يصيبها وابل أو طلّ ، ولا يحركها شوق إلى كشف وجهها ، ومصافجة أضواء الوجود .. وإنما الإيمان هو وصل هذه الحقائق بالحياة ، وصوغها فى صورة سلوك وأعمال ، من عبادات ومعاملات ، ومن جهاد فى سبيل الله ، وحماية لراية الإيمان أن تسقطها يد البغاة المعتدين ، من أهل الشرك والضلال ..
فللإيمان أعباؤه وتكاليفه ، وفى الوفاء بهذه الأعباء وتلك التكاليف ، تتحد مواقف المؤمنين ، وتكون منازلهم ودرجاتهم.