والمشركون الذين أمر المسلمون بقتالهم بعد انسلاخ هذه الأشهر الأربعة هم مطلق المشركين ، ما عدا الذين أمهلوا إلى أن تتم المدة المتعاهد معهم عليها.
وقوله تعالى : (وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ) دعوة للمسلمين بالجد فى طلب المشركين ، وأخذهم بكل قوّة ، وملاحقتهم فى كل مكان ، حتى لا يكون لهم مهرب .. وفى هذا إرهاص بما سيحلّ بالمشركين من بلاء واقع ، لا وجه لهم من الإفلات منه .. بعد أن ينتهى الأجل المضروب لهم ، وذلك من شأنه أن يلقى الرّعب فى قلوب المشركين ، وأن يفتح للكثير منهم طريقا إلى الإسلام ، حيث يجد العافية ، والأمن والسلام ..
وفى قوله تعالى : (فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) هو تحريض للمشركين على المبادرة بالتوبة ، وخلع نير الشرك من رقابهم ، وذلك قبل أن يقعوا ليد المسلمين ، وتصل إليهم سيوفهم ، فإنهم إن وصلوا إلى تلك الحال ، فلن تكون لهم نجاة ، ولن تقبل منهم توبة ، شأنهم فى هذا شأن الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون فى الأرض فسادا ، وفيهم يقول الله سبحانه وتعالى : (إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ* إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٣٣ ـ ٣٤ : المائدة)
وفى قوله تعالى : (أَنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) دعوة للمسلمين إلى التسامح والرفق ، وأن يقبلوا هؤلاء الذين جاءوهم مسلمين ، وأن يفسحوا لهم فى قلوبهم