الذي يعيشون فيه ، ولو أنهم التقوا بالإسلام على حقيقته ، وتعرفوا على موارده الصافية ، لما مدّوا أبصارهم إلى دين غيره ، ولكانوا من المؤمنين بالله ، إيمانا قائما على دعائم ثابتة ، تملك عقولهم وقلوبهم على السواء ..
وتلك حقيقة يعرفها عن الإسلام أولئك الذين يحاربون الإسلام ، ويخشون منه هذا الغزو السلمى المكتسح ، الّذى من شأنه ـ لو قدّر له أن يتصل بالنّاس اتصالا مباشرا من غير أن يثار فى وجهه غبار الضلال ودخان الإفك ـ أن يقوض سلطان المتسلطين على الناس هناك باسم الدين ، وأن يسلبهم هذا الجاه العريض الذي يعيشون فيه .. تماما كما فعل مشركو قريش حين جاءهم الإسلام فأنكره سادتهم وحاربوه ، وهم يعلمون أنه الحق من ربّهم ، ولكنه الحق الذي يسلبهم منزلتهم فى الناس ، ويسوّى بينهم وبين عامة الناس ، فآثروا السلطان الذي فى أيديهم ، مع العمى والضلال ، على الحق الذي عرفوه وأنكروه!.
ومن أجل هذا كانت تلك الحرب المسعورة التي يشنها أصحاب الرياسات الدينية ومن فى حكمهم ، على الإسلام ، حتى يسلم لهم ما فى أيديهم من جاه وسلطان ، ولو هلك الناس ، وغرقوا فى الضّلال ، ودانوا بالكفر والإلحاد!.
ومع هذا كله ، فإن المستقبل للإسلام ، وستكشف الأيام وجهه المشرق الوضيء للناس يوما ، إن عاجلا أو آجلا ، وسيصبح هذا العنوان الذي اتخذه «الإسلام» عنوانا له ، وسمة دالة عليه ـ هو دين الإنسانية كلها ، وبهذا يتحقق قول الحق جلّ وعلا : (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ) ، وقوله سبحانه : (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ).
هذه حقيقة نؤمن بها إيماننا بالله ، وبدين الله ، وبكتاب الله .. وإن هذه