ظالِمِينَ) ـ إشارة إلى ما حلّ بهؤلاء الظالمين من آل فرعون ، ومن كان على شاكلتهم فى البغي والعدوان .. لقد أهلكهم الله جميعا بذنوبهم ، وجعل لكلّ جماعة من هؤلاء الظالمين مهلكهم الذي يهلكون به ، كما يقول سبحانه : (فَكُلًّا أَخَذْنا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِ حاصِباً وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنا وَما كانَ اللهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) (٤٠ : العنكبوت).
وقد كان مما أخذ الله به فرعون وآله ، هو الغرق ، وكان ذلك جزاء وفاقا لكفرهم وعنادهم ، وتغيير ما بأنفسهم ..
وانظر .. لقد كان الذي فيه فرعون وقومه من نعمة وقوة وسلطان ، هو من فيض النيل ونفحاته ، إذ كان «النيل» هو مصدر الحياة لهذا الوادي ومن فيه ، وفى هذا يقول فرعون معتزا بما بين يديه من قوّة : (أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهذِهِ الْأَنْهارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي؟ أَفَلا تُبْصِرُونَ)؟.
وقد كفر فرعون بهذه النعم ، وجعل منها سياط عذاب يأخذ بها الناس ، ويوردهم موارد الذلة والهوان ، فكان أن قتله الله وآله ، بتلك النعمة ، وجعلها تجرى فى حلقه ملحا أجاجا ، بعد أن كان يجرى ماء النيل فى هذا الحلق عذبا زلالا .. وهكذا يهلك بالماء ، وقد كان يحيا على الماء وبالماء!
وفى هذا الذي كان من فرعون وملائه نذير لهؤلاء المشركين ، الذين كفروا بآيات ربهم ، وكذبوا رسوله الذي حمل إليهم الهدى والنور .. وكما أخذ آل فرعون بعذاب الله ، فإن هؤلاء المشركين ، هم فى مواجهة عذاب الله ، وفى معرض النقمة والبلاء ..
غير أن آل فرعون قد فوّتوا على أنفسهم فرصة النجاة ، فلم يرجعوا إلى