بضربات السيوف ، وركلت هذه الأدبار بأزجّة الرّماح ، وهى أيد رآها الناس رأى العين ، وشهدوا آثارها وأفعالها فى هؤلاء السادة المتكبرين .. إنها أيدى أولئك المسلمين الذين استرهبهم المشركون بزهوهم وخيلائهم ، وغمزهم المنافقون والذين فى قلوبهم مرض بقوارص الكلم ، وسيىء القول.
وقوله تعالى : (وَذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ) هو بيان للمصير الذي صار إليه أولئك المشركون الذين أذلّ الله كبرياءهم فى هذا اليوم ، يوم بدر ، وهو مصير مشئوم ، يلقى بهم فى سواء الجحيم ، حطبا لجهنم ، ووقودا لسعيرها ..
وذلك الذي حلّ بالمشركين من هوان فى الدنيا ، وعذاب فى الآخرة ، هو جزاء لما كان منهم ، وما قدّمت أيديهم من سوء .. (ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ)!
وقد اختلف فى المراد بالخطاب فى قوله تعالى : (وَلَوْ تَرى) أهو خطاب خاص للنبى؟ أم هو لكل من شهد المعركة؟ أم هو خطاب عام غير مقيد بشخص أو بوقت ، بل هو لكل من يستمع إلى هذا الخطاب؟
والرأى ، أنه خطاب عام لكل من استمع أو يستمع إليه.
وفى قوله تعالى : (وَأَنَّ اللهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) ـ ما يسأل عنه؟
لما ذا جاء التعبير بنفي الظلم عن الله بصيغة المبالغة «ظلّام»؟ وهل إذا انتفت المبالغة فى الظلم أينتفى معها الظلم نفسه؟
والجواب ـ والله أعلم ـ أن صيغة المبالغة هنا إنما تكشف عن وجه البلاء الذي وقع بالمشركين ، وأنه بلاء عظيم ، وعذاب أعظم ، وأن الذي ينظر إليه يجد ألا جريمة توازى هذا العقاب وتتوازن معه ، فى شدّته ، وشناعته ، حتى ليخيّل للناظر أن القوم قد ظلموا ، وأنه قد بولغ فى ظلمهم إلى أبعد حد ، فجاء قوله تعالى : (وَأَنَّ اللهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) ليدفع هذا الوهم الذي يقع فى نفس