وقد طلب إبليس من الله أن ينظره إلى يوم يبعثون ، ليفسد هذا الإنسان الذي فضّله الله عليه ، وطرد إبليس من رحمته بسببه ..
وكان هذا من إبليس تحدّيا لله ، وإمعانا فى الضلال : (وَمَنْ يُرِدِ اللهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللهِ شَيْئاً).
وتزيين الشيطان للمشركين ، وقوله لهم : (لا غالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جارٌ لَكُمْ) هو مما وسوس لهم به فى صدورهم من ضلال ، وما ألقى إلى سفهائهم من غرور ، حتى لقد تمثلت تلك الوسوسة خواطر تتحرك فى مشاعر القوم ، وحتى لقد تخلّقت هذه الخواطر فكانت قولا ، يجرى على ألسنة القوم ، ويتنادون به .. وأنهم لن يغلبوا ..
فموقف الشيطان وأعوانه فى صفوف المشركين ، هو مقابل لموقف الملائكة فى صفوف المؤمنين .. ولكن شتان بين موقف وموقف .. فالشيطان يغرى بالباطل ، ويمدّ بالضلال ، ويعين بالأكاذيب .. أما الملائكة ، فقد طلعت على المسلمين بريح القوة ، وهبّت بأنسام النصر ، فملأت قلوب المسلمين أمنا وطمأنينة ، فثبتت من أقدامهم ، وقوت من عزائمهم ، وأطمعتهم فى عدوّهم .. فكان لهم الظفر بعدوّهم ..
وفى هذا يقول الله تعالى : (قالَ فَاخْرُجْ مِنْها فَإِنَّكَ رَجِيمٌ* وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلى يَوْمِ الدِّينِ* قالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ* قالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ* إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ* قالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ* إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ* قالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ* لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ) (٧٧ : ٨٥ ص)