الفوز برضاه ، ولقائه ـ جلّ شأنه ـ على الوعد الذي وعد به المجاهدين فى سبيله!
ومن أجل هذا كان الفرسان والأبطال ، يصحبون معهم من يؤثرون بالحبّ ، من زوجات وخليلات ، ليكون فى صحبتهم لهم تذكير حىّ بالموقف الذي يجب أن يأخذوه فى ميدان القتال ، حتى يكونوا موضع إعجاب وتقدير ، عند من يحبونهم ويفعلون الشيء الكثير الذي يرضيهم ، وينزلهم من قلوبهم منزل الإعزاز والإكبار .. فإذا لم يكن فى صحبة البطل زوجه أو خليلته ، استحضر صورتها فى خياله ، وتمثل شخصها حاضرا معه ، يشهد بلاءه واستبساله .. يقول عنترة لمحبوبته .. عبلة :
ولقد ذكرتك والرّماح كأنها |
|
أشطان بئر فى لبات الأدهم |
ما زلت أرميهم بثغرة نحره |
|
ولباته حتى تسربل بالدّم |
ويقول أيضا :
ولقد ذكرتك والرماح نواهل |
|
منّى ، وبيض الهند تقطر من دم |
فوددت تقبيل السيوف لأنّها |
|
لمعت كبارق ثغرك المتبسم |
ويقول الحارث بن حلزّة أحد أصحاب المعلقات :
على آثارنا بيض كرام |
|
نحاذر أن تفارق أو تهونا |
يقتن جيادنا ويقلن لستم |
|
بعولتنا إذا لم تمنعونا |
فكيف إذ ذكر المؤمن ربّه ، واستحضر جلاله ، وعظمته ، فى هذا الموقف الذي ينتصر فيه لله ، ويجاهد فى سبيله ، ويعمل على مرضاته ، ويطلب المثوبة من جزيل عطاياه؟ إن الذي يذكر الله فى هذا الموطن ، ذكرا ينبعث من قلبه ، ويتحرك من وجدانه ـ يستخفّ بالموت ، ويلذّ له طعمه ، ويجد أن حياته التي يقدمها لله ليست شيئا إلى جانب الحياة الأخرى التي هو صائر إليها ، وواجد