يجىء منه ، فلم يكن ثمّة داع يدعو إلى تقديمه فى النظم ، ليفصل بين الفعل وفاعله ، فجاء النظم على الأسلوب المألوف.
وفى آية بدر جاء قوله تعالى : (وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللهِ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) وجاءت آية أحد : (وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ) حيث جاء الخبر مؤكدا ، فى آية بدر ، على حين جاء مطلقا من غير توكيد فى آية أحد .. وذلك أن المسلمين فى بدر كانوا يواجهون أول وعد لله سبحانه لهم بالنّصر ، فحسن أن يؤكد لهم هذا الوعد .. أما فى أحد فقد كانوا على يقين ثابت بوعد الله ، الذي رأوا عزّته ، وحكمته ، رأى العين ، فيما تحقق لهم من نصر يوم بدر ..
وقوله تعالى : (إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعاسَ أَمَنَةً مِنْهُ).
الظرف «إذ» هنا متعلق بقوله تعالى : (إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) أي من مظاهر عزّة الله وحكمته فى هذا اليوم أن أرسل عليكم النّعاس ، فغشيكم ، وطرق عيونكم ، ولبس أجسادكم ، فكان ذلك من بواعث الأمن والطمأنينة لكم .. إذ لا يطوف النوم إلا حيث تكون السكينة ، ويكون الاطمئنان.
والأمنة : بمعنى الأمن ، ولكنها قطعة من الأمن ، وليست كلّ الأمن والضمير فى «منه» يعود إلى الله سبحانه وتعالى.
وفى الحديث عن النعاس الذي غشّى المؤمنين يومئذ بأنه كان نعاسا ، ولم يكن نوما ، أو استغراقا فى النوم ـ إشارة إلى واقع الحال الذي كان يشتمل جوّ المعركة ، من اضطراب النفوس ، وجزع القلوب ، وحيرة العقول ، وأن من نعم الله الجليلة فى هذه الحال أن يطوف بالإنسان طائف من الأمن ، بحيث يطرقه